خدمة الخبر العاجل.. ما بتوقف ولا دقيقة
أخبار عربية ودوليةمقالات وآراءهام

ثقافة الجمال.. بين الممكن والمحال!

مَن هو أجمل الشعوب العربية؟

الكاتب فداء الحلبي
إذا سألك أحدهم: من هو أجمل شعب عربي؟
هل تعلم ما هي القيم التي يمكن أن ترتكز عليها، في تقييمك للشعوب العربية كي تعطي إجابةً صحيحة؟
للوهلة الأولى قد يتخيل لك أن وجود شعبٍ جميل جمالاً مطلقاً هو ضرب من ضروب الخيال، فكل مجتمع إنساني به جوانب جميلة وأخرى قبيحة، وكذلك الأمر بالنسبة لإحصاء أفراد مجتمع إنساني وتقييمهم من حيث الجمال، حتى إنه لا توجد مؤسسات تختص بإجراء هكذا تجربة؛ لكن لا عليك، في هذه القصة سنتوصل إلى أجمل الشعوب العربية، بناء على مرتكزات واقعية وصحيحة!
يُعدّ الجمال أحد أبرز القيم الإنسانية التي تناولها الإنسان منذ بداية نشوء تكوينه المعرفي، وحاول أن يناقشها بمختلف العلوم التي ابتكرها العقل البشري، وخاصة العلوم الإنسانية، وعلى رأسها علم الفلسفة.
لكنْ الغريبُ في قيمة الجمال يا حبيبي، تستطيع القولَ: إنها من القيم الرخوية، بما معناه ليس لها شكل ثابت، أو معايير محددة، فالشيء الذي تراه جميلاً بظروف معينة أو حالة نفسية خاصة، قد لا تراه جميلاً إذا تبدلت تلك الظروف، والموجود الجميل بالنسبة لأحد غيرك، قد لا يكون ذلك الأمر المبهر بالنسبة لك.
لوحة الموناليزا الشهيرة مثلاً، التي لا يختلف اثنان على جمالها كقيمة فنية، لكن عبر التاريخ تعرضت لعدد من محاولات التخريب من قبل أشخاص لا يرونها بهذه الأهمية، لذلك يسعون لتخريبها في سبيل إنهاء أسطورتها..
الجمال قيمة حاول كثير من الفلاسفة تعريفها، ووضع أسس ومعايير لتقييم الموجودات من حيث جمالها..
سقراط مثلاً يرى أن الجمال هو (ما يحقق الخير أو الغاية الأخلاقية العليا).
من هذا المنطلق، نستطيع وضع أحد المعايير التي يمكن الارتكاز عليها في تقييم الشعوب العربية من حيث الجمال، وهو معيار انتشار الخير والفضيلة، وتحقيق الغاية الأخلاقية العليا.
الشعوب العربية منذ بداية تكوين مخزونها المعرفي والفني في العصور الجاهلية حتى اليوم، تولي الجمال أهمية كبيرة بمختلف جوانب الحياة..
الشعر مثلاً يعتبر أسلوباً فنياً مهماً في تاريخ العرب، والشاعر كان يُصنف بمنزلة النبلاء في القبيلة أو العشيرة أو الدولة إلى جانب الفرسان، والحكماء والأمراء، فالشاعر يُعتَدّ بشِعره، ويُستشهد به في مواقف الحياة والمواضيع الأدبية، والسبب أنه يحمل قيماً إبداعية فنية وجمالية..
إذن، بالنسبة للعرب نستطيع القول: إن الإبداع معيار آخر لتقييم التجربة الجمالية عند فرد أو مجموعة أفراد؛ وهكذا نكون وضعنا المعيار الثاني لتقييم الشعوب العربية من حيث الجمال.
كثير من شعراء العرب حاولوا تحديد مفهوم الجمال من خلال الشعر..
يقول الإمام علي بن أبي طالب:
ليسَ الجمالُ بأثوابٍ تزيننا
إن الجمالَ جمالُ العقلِ والأدبِ
العقل والأدب هما معيارا الجمال لدى حكيم العرب في تلك الحقبة، والذي مازالت أشعاره وأقواله متناقلة حتى اليوم في المجتمعات العربية، وبالمعنى ذاته الإبداع والأخلاق وهما أول معيارين قمنا باستنتاجهما ، والشاعر إيليا أبو ماضي عنده رأيٌ مشابه، من حيث تقييم الجمال على أسس جوهرية لا مظهرية إذ يقول:
إذا كان حُسنُ الوجهِ يُدعى فضيلةً
فإنَّ جمالَ النفسِ أسمى وأفضلُ
وهنا نلاحظ أن الشاعر أعطى قيمة الجمال الروحي منزلة أعلى من الجمال الشكلي، وشاعر ثانٍ يعطي قيمة الجمال للقول الجميل، إذ يقول:
ومَا حُسنُ الرِّجال لَهم بفخرٍ
إذا لَمْ يُسعدِ الحُسنَ البيانُ
كَفَى بالمرءِ عَيباً أنْ تَراهُ
لَهُ وَجهٌ، ولَيسَ لَهُ لِسانُ
بالواقع، حتى مسابقات ملكات الجمال، لا تكتفي بتقييم الجمال الشكلي، بل تخضع المتقدمات لاختبارات معرفية، وتقييم لأسلوب الكلام، وبحث في القيم الأخلاقية.
الآن إذا أردنا بناء أحكام موضوعية لتقييم الشعوب العربية من حيث الجمال، بحيث نرتكز على المعلومات التي أوردناها في السياق، سنلاحظ أن أبرز ركائز تقييم الجمال ستكون قيم الخير والفضيلة في المجتمع، وتحقيق المبادئ الأخلاقية، وقدرة هذا الشعب على الإبداع والابتكار، والارتقاء بالعلم؛ أما الجمال الشكلي من حيث طول القامة ولون البشرة وشكل الوجه، ولون العينين وحجم الأنف وغيرها، فهذي قيم متبدلة بحسب الأذواق والأهواء، ويقول أحد الشعراء في هذا السياق:
ليس الجمالُ هو الجمالُ بذاته
الحُسن يوجد حين يوجدُ رائي
الخلاصة، برأيكم إذا قارنا الشعوب العربية من حيث الأخلاق والقيم المجتمعية، ونشر العلم ودعم الإبداع، واحترام الآخر بالقول الجميل، من سيكون أجمل شعب عربي يا تُرى؟
بالنسبة لي، بناء على تجربتي الشخصية، وارتكازاً على المعطيات سالفة الذكر، هناك شعب عربي واضح وضوح الشمس في كبد السماء تحليه بهذه الخصال الجمالية، ولربما لا يوجد له منافس في الوطن العربي والعالم أجمع؛ هو الشعب الذي يحتضن مئات الجنسيات والإثنيات، والملايين من أصحاب العادات والاعتقادات المختلفة، وهو البلد العربي الوحيد الذي يخلو من العنصرية خلوّاً مطلقاً، ويستطيع مزج كل هذه الثقافات المختلفة بمنتهى الجمال والتنظيم، وبالمقابل يدعم كل أشكال الإبداع والتطور ويجعل منها منطلقاً نحو المستقبل، ولهذا فلقد أصبح شعب الإمارات العربية المتحدة مالئ الدنيا وشاغل الناس بتجربته الفريدة، ولذلك أستطيع القول: إنه أجمل الشعوب العربية دون منافس!
طيب أنتم ماذا تقولون؟

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock