خدمة الخبر العاجل.. ما بتوقف ولا دقيقة
أخبار عربية ودوليةرياضةمقالات وآراءهام

(رياضة الجنس).. بين الحاضر والأمس

الجذور التاريخية والمضاعفات المجتمعية

إعداد: فداء الحلبي
Sat, 3 jun 2023
بينما يسيطر على أنفاسي شيء من قبيل الاختناق، وعلى قلبي نوع من الخوف المبهم من مستقبل محموم بالفظائع، أنقل لكم هذه الأخبار المرعبة بقدر ماهي مشوقة ربما! لكونها تقفز خلف خط أحمر، لطالما حفظ الموروث الإنساني عن خصوصية العلاقة الجنسية وسريتها…
(السويد تقرر إجراء بطولة عالمية لممارسة الجنس خلال أسبوع من الآن)؛ خبر انتشر على نطاق واسع، وحتى الأطفال أصبحوا يتعرضون لهذا الخبر ويتسائلون ربما: هل هذه الرياضة تشبه رياضة كرة القدم التي نلعبها في المدرسة أو التنس أو الجري أو كرة السلة؟ ولماذا لا نمارس هذه الرياضة في المدرسة! غداً سأسأل المعلم.. ياللعار !!!!! (سبع تالاف إشارة تعجب)..

الآثار المدمرة
تخيل ابنتك ذات الثامنة تسأل أستاذها: لماذا لا نلعب رياضة الجنس التي يتحدثون عنها في مواقع التواصل الاجتماعي.. تقصدين التنس؟؟ لا لا اقصد رياضة الجنس التي يتحدثون عنها.. شو مالك يا أستاذ مو عايش معنا عالكوكب!
المعلم سيجيب لأنها للكبار فقط… الأطفال سيبحثون عن إجابات أكثر وضوحاً، وربما يذهبون في آتونٍ لا أستطيع تخيله حتى، وقد ينتهي بهم المطاف بممارسات شاذة عن أسلوب حياة الأطفال، وكل هذا بسبب فظاعة الكبار في نشر الزنا على أنه رياضة، وربما نقله في بث مباشر على التلفزيونات ومنصات التواصل الاجتماعي. فلنترقب! (ستمية مليون نقطة)

هذا كان سيناريو صغيراً وبسيطاً لما يمكن أن تحدثه الموجات الارتدادية لهذا الزلزال الاجتماعي المدمر، من آثار مرضية على شريحة من شرائح المجتمع، وهم الأطفال!
أضف إلى ذلك شريحة المختلين عقلياً أو المهووسين جنسياً، وما يمكن أن يقدموا عليه من جرائمَ وفظائعَ في أبناء وبنات المجتمع تحت غطاء ممارسة رياضة الجنس، الذي تقدمه هذه المنظمة (SSF) على طبق من ذهب، وهنا أقصد (المنظمة الفيدرالية للجنس)، التي ستقوم بتنظيم هذه البطولة كما يسمونها.

هذه البطولة ستكون – برأيي – أبشع جريمة ترتكب في حق البشرية، وتوازي في قوتها التدميرية أعتى الحروب وأكثرها ترويعاً، حيث أن حجم الضرر المجتمعي الذي سينجم عنها سيشكل فجوة أخلاقية يصعب ردمها، وصدعاً مجتمعياً يشق رأبه، الأمر الذي سينتهي بالبشرية إلى مجتمعات منفلتة لا تمتلك أي ضوابط أخلاقية.. ومع الوقت – بازدياد تشجيع هذه الممارسة – سينتشر جنس المحارم على نطاق واسع، وخاصة في تلك الجتمعات غير المنضبطة أسرياً، وهو موجود الآن، لكنه مازال محدوداً وسرياً، لكن هذه البطولة ستعجّل في إشهاره، وربما تتضافر مع مساعٍ أخرى خارجة على المألوف من الفطرة الإنسانية كمرض المثلية الجنسية على سبيل المثال، وتسرّع في حدوث هذه الشروخات في الجسد الاجتماعي، وحجتي على هذا الأمر.. انعدام الغيرة على رابطة الدم لدى مرضى المثلية، ولقد حدث لي مرة أن حاول أحد هؤلاء استدراجي إلى فخ المثلية محاولاً إقناعي بوجود شقيقته طرفاً ثالثاً في العلاقة! وهذا إن دلّ على شيء، فهو يدل على انعدام الغيرة على رابطة الدم لدى المصابين بالمرض، واستعداد المهووس – أو المريض – لارتكاب أي خرق أخلاقي أو جناية أسرية في سبيل تحقيق رغباته! غير أننا لا نقوم بتعميم التجربة، فهي تظل حالة فردية، مالم تجرِ دراستها، واستخلاص النتائج الصالحة للتعميم.

جذور تاريخية
تاريخياً، مجتمع دولة السويد الراعية (لبطولة رياضة الجنس هذه)، وغيرها من الدول الإسكندنافية، ما هي إلا الامتداد الاجتماعي لقبائل الفايكنج الذين قطنوا شمال أوروبا في العصور الوسطى.
ولقد ورد عن بعض عاداتهم وأساليب حياتهم في مخطوطة للرحالة العربي ابن فضلان الذي ارتحل خلفهم ليستكشف تلك المجتمعات في ذلك العصر، وغيرها من المراجع التاريخية ما يكاد يجمع على أنهم لم يحتقروا المثلية الجنسية، لكنهم لم يولوها أي اهتمام زائد، فإذا كان الرجل سوياً ومحافظاً على أسرته وعادات قبيلته، فلا يعيبه أن يكون مثلياً، (سالباً أكان أم موجباً)، أو أن يكون مزدوجاً (bisexual)، يقبل النساء والرجال في العلاقة الحميمة، أو أياً من الأشكال الأخرى لممارسة الرغبة؛ كما ورد عنهم عدم الاستحياء في ممارسة العلاقة، وربما تكون هذه الجذور الأولى التي استمدت منها الإباحية المعاصرة فكرة الممارسة الجماعية، أو الممارسة العامة.

لكن يبقى الفرق بين الماضي والحاضر أن ممارسات الشعوب بالماضي كانت تنحصر ضمن الجماعة الواحدة، والتي غالباً تتحول لعادات طبيعية، بينما اليوم منشور واحد على مواقع التواصل الاجتماعي عن ممارسة خارجة على القانون الطبيعي كبطولة الجنس التي نتحدث عنها، يمكنه أن يلف الكوكب بعدة ساعات، ويدخل إلى كل بيت ويتعرض له كل طفل، وكل آمنٍ في بيته على أهله من شرور البعيدين؛ ومع الوقت سيؤدي هذا التعرض إلى تغييرات اجتماعية غير مدروسة، في المجتمعات التي لا تتقبل الإباحية بهذه الصورة الفجّة، وخاصة المجتمعات المسلمة، حيث تنتظم ضمن ضوابط دينية وأخلاقية صارمة، بالتالي سيحدث صدام بين ما هو موروث وما هو مستحدث، فيترك آثاراً خطيرة على المجتمع، قد تؤدي إلى انهياره نظراً لعدم القدرة على الفصل بين الأخلاق والجنس، ثم تتولد الآثار الكبرى كانتشار الجريمة المنظمة، أو الجريمة الغريزية، والتي تجسدت فعلاً في حادثة اغتصاب الطفلة السورية (جوى) ثم قتلها من قبل أحد المهووسين جنسياً، لذلك نقول إن هذا التوجه المبتكر (رياضة الجنس)، قد يشجع بشكل أو بآخر الهوسَ الجنسيَّ، ما يخلق بدوره مرضى دمويين كهذه الحالة آنفة الذكر.

في ذات السياق التاريخي، هذه ليست المرة الأولى التي تغرق فيها الأخلاق في وحل ابتكارات المختلين، فتنجم عنها مجتمعات فاسدة أخلاقياً، ثم تكون نهاياتها مأساوية ومروعة، حيث تتحدث بعض القصص عن أقوام فسدوا أخلاقياً، وخاصة في الجانب الجنسي، كقوم النبي لوط الذين غرقوا في مستنقع المثلية، وهو مابات يروج له اليوم، والإباحية ومن ضمنها هذه البطولة التي ستقام بعد عدة أيام، وزنا المحارم وغيره من الممارسات البشعة والفظيعة، والتي ستودي بأصحابها إلى الأهوال التي أودت بالذين من قبلهم!
في الختام خير ما أستذكره من حكمة، ما قاله أحمد شوقي عن أهمية الأخلاق في تماسك بناء المجتمع:
وإنما الأمم الأخلاق مابقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا…

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock